فصل: فصلٌ فِي الذَّهَبِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.فصلٌ فِي الذَّهَبِ:

(لَيْسَ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا مِنْ الذَّهَبِ صَدَقَةٌ) (فَإِذَا كَانَتْ عِشْرِينَ مِثْقَالًا فَفِيهَا نِصْفُ مِثْقَالٍ) لِمَا رَوَيْنَا.
وَالْمِثْقَالُ: مَا يَكُونُ كُلُّ سَبْعَةٍ مِنْهَا وَزْنَ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ (ثُمَّ فِي كُلِّ أَرْبَعَةِ مَثَاقِيلَ قِيرَاطَانِ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ رُبْعُ الْعُشْرِ، وَذَلِكَ فِيمَا قُلْنَا، إذْ كُلُّ مِثْقَالٍ عِشْرُونَ قِيرَاطًا (وَلَيْسَ فِيمَا دُونَ أَرْبَعَةِ مَثَاقِيلَ صَدَقَةٌ) عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ بِحِسَابِ ذَلِكَ، وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكُسُورِ، وَكُلُّ دِينَارٍ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فِي الشَّرْعِ، فَيَكُونُ أَرْبَعَةُ مَثَاقِيلَ فِي هَذَا كَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا.
الشرح:
فصلٌ فِي الذَّهَبِ:
قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَتْ عِشْرِينَ مِثْقَالًا، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، فَفِيهَا نِصْفُ مِثْقَالٍ، لِمَا رَوَيْنَا.
قُلْت: يُشِيرُ إلَى حَدِيثِ مُعَاذٍ الْمُتَقَدِّمِ فِي زَكَاةِ الْفِضَّةِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُ مِنْ جِهَةِ الدَّارَقُطْنِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَفِيهِ «مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ».
أَحَادِيثُ الْبَابِ:
أَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى ثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَعَائِشَةَ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْخُذُ مِنْ كُلِّ عِشْرِينَ دِينَارًا نِصْفَ دِينَارٍ، وَمِنْ أَرْبَعِينَ دِينَارًا: دِينَارًا»، انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ هُوَ ابْنُ مُجَمِّعٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَاقِدٍ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، هَكَذَا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَنَسَبَهُمَا فِي حَدِيثِهِ، وَابْنُ مُجَمِّعٍ قَالَ فِيهِ ابْنُ مَعِينٍ: لَا شَيْءَ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، فَإِنَّهُ كَثِيرُ الْوَهْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ زَنْجُوَيْهِ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ النَّخَعِيّ ثَنَا الْعَرْزَمِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ شَيْءٌ، وَلَا فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا مِنْ الذَّهَبِ شَيْءٌ، وَفِي الْمِائَتَيْنِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَفِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا ذَهَبًا نِصْفُ مِثْقَالٍ»، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ زَكَاةِ الْحُلِيِّ:
فِيهِ أَحَادِيثُ عَامَّةٌ، وَأَحَادِيثُ خَاصَّةٌ.
فَالْعَامَّةُ:
حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ»، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَلِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ نَحْوُهُ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ: «هَاتُوا صَدَقَةَ الرَّقَّةِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ»، رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الرِّقَةُ: الْفِضَّةُ، سَوَاءٌ كَانَتْ الدَّرَاهِمَ أَوْ غَيْرَهَا، نَقَلَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ، وَفِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: «وَفِي كُلِّ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِقِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، وَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ دِينَارًا دِينَارٌ»، رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ، وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَدْخُولَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ جَمِيعَهَا.
وَأَمَّا الْخَاصَّةُ:
فَمِنْهَا حَدِيثٌ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسْكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهَا: أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ قَالَتْ: لَا، قَالَ: أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارًا مِنْ نَارٍ؟، قَالَ: فَخَلَعَتْهُمَا، فَأَلْقَتْهُمَا إلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَقَالَتْ: هُمَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ»، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: إسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
وَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ: إسْنَادُهُ لَا مَقَالَ فِيهِ، فَإِنَّ أَبَا دَاوُد رَوَاهُ عَنْ أَبِي كَامِلٍ الْجَحْدَرِيِّ، وَحُمَيْدَ بْنِ مَسْعَدَةَ، وَهُمَا مِنْ الثِّقَاتِ، احْتَجَّ بِهِمَا مُسْلِمٌ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ إمَامٌ فَقِيهٌ، احْتَجَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَكَذَلِكَ حُسَيْنُ بْنُ ذَكْوَانَ الْمُعَلِّمُ احْتَجَّا بِهِ فِي الصَّحِيحِ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، فَهُوَ مَنْ قَدْ عُلِمَ، وَهَذَا إسْنَادٌ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ حُسَيْنٍ الْمُعَلِّمِ عَنْ عَمْرٍو، قَالَ: جَاءَتْ امْرَأَةٌ، فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا، قَالَ النَّسَائِيُّ: وَخَالِدٌ أَثْبَتُ عِنْدَنَا مِنْ مُعْتَمِرٍ، وَحَدِيثُ مُعْتَمِرٍ أَوْلَى بِالصَّوْبِ، انْتَهَى.
طَرِيقٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: «أَتَتْ امْرَأَتَانِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي أَيْدِيهِمَا سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهُمَا: أَتُؤَدِّيَانِ زَكَاةَ هَذَا؟ قَالَتَا: لَا، فَقَالَ: أَتُحِبَّانِ أَنْ يُسَوِّرَكُمَا اللَّهُ بِسِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ؟ قَالَتَا: لَا، قَالَ: فَأَدِّيَا زَكَاتَهُ»، انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَرَوَاهُ الْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، نَحْوَ هَذَا، وَابْنُ لَهِيعَةَ، وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ يُضَعَّفَانِ فِي الْحَدِيثِ، وَلَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ، انْتَهَى.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: لَعَلَّ التِّرْمِذِيَّ قَصَدَ الطَّرِيقَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا، وَإِلَّا فَطَرِيقُ أَبِي دَاوُد لَا مَقَالَ فِيهَا، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد: وَإِنَّمَا ضَعَّفَ التِّرْمِذِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، لِأَنَّ عِنْدَهُ فِيهِ ضَعِيفَيْنِ: ابْنُ لَهِيعَةَ وَالْمُثَنَّى بْنُ الصَّبَّاحِ، انْتَهَى.
وَبِسَنَدِ التِّرْمِذِيِّ رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ فِي مَسَانِيدِهِمْ، وَأَلْفَاظُهُمْ: قَالَ لَهُمَا: «فَأَدِّيَا زَكَاةَ هَذَا الَّذِي فِي أَيْدِيكُمَا»، وَهَذَا اللَّفْظُ يَرْفَعُ تَأْوِيلَ مَنْ يَحْمِلْهُ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهِ شُرِعَتْ لِلزِّيَادَةِ فِيهِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
طَرِيقٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ الصَّبَّاحِ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ بِهِ، وَهِيَ الطَّرِيقُ الَّتِي أَشَارَ إلَيْهَا التِّرْمِذِيُّ.
طَرِيقٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَالدَّارَقُطْنِيّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ عَنْ عَمْرٍو بِهِ، وَالْحَجَّاجُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الرَّازِيّ ثَنَا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ ثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عُمَرَ بْنِ عَطَاءٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادِ بْنِ الْهَادِ، قَالَ: «دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ، فَقَالَ: مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ فَقُلْت: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَك بِهِنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟ فَقُلْت: لَا، قَالَ: هُنَّ حَسْبُك مِنْ النَّارِ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ بِهِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ بِهِ، فَنَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ دُونَ أَبِيهِ، ثُمَّ قَالَ: وَمُحَمَّدُ بْنُ عَطَاءٍ مَجْهُولٌ، انْتَهَى.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، لَكِنَّهُ لَمَّا نُسِبَ إلَى جَدِّهِ ظَنَّ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، انْتَهَى.
وَتَبِعَ الدَّارَقُطْنِيّ فِي تَجْهِيلِ مُحَمَّدِ بْنِ عَطَاءٍ عَبْدُ الْحَقِّ فِي أَحْكَامِهِ.
وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ الْقَطَّانِ، فَقَالَ: إنَّهُ لَمَّا نُسِبَ فِي سَنَدِ الدَّارَقُطْنِيِّ إلَى جَدِّهِ خَفِيَ عَلَى الدَّارَقُطْنِيِّ أَمْرُهُ، فَجَعَلَهُ مَجْهُولًا، وَتَبِعَهُ عَبْدُ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَطَاءٍ، أَحَدُ الثِّقَاتِ، وَقَدْ جَاءَ مُبَيَّنًا عِنْدَ أَبِي دَاوُد، وَبَيَّنَهُ شَيْخُهُ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الرَّازِيّ، وَهُوَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ إمَامُ الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، وَرَوَاهُ أَبُو نَشِيطٍ مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الرَّبِيعِ، كَمَا هُوَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، فَقَالَ فِيهِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَطَاءٍ نَسَبَهُ إلَى جَدِّهِ، فَلَا أَدْرِي أَذَلِكَ مِنْهُ، أَمْ مِنْ عَمْرِو بْنِ الرَّبِيعِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَيَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ مِنْ رِجَالِ الصَّحِيحَيْنِ، وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ، وَالْحَدِيثُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد أَيْضًا عَنْ عَتَّابِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «كُنْت أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَكَنْزٌ هُوَ؟ فَقَالَ مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدِّيَ زَكَاتَهُ فَزَكِّي، فَلَيْسَ بِكَنْزٍ»، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ عَنْ ثَابِتٍ بِهِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى.
وَلَفْظُهُ: «إذَا أَدَّيْتِ زَكَاتَهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ»، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِمَا.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: تَفَرَّدَ بِهِ ثَابِتُ بْنُ عَجْلَانَ، قَالَ فِي تَنْقِيحِ التَّحْقِيقِ: وَهَذَا لَا يَضُرُّ، فَإِنَّ ثَابِتَ بْنَ عَجْلَانَ رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: رَوَى عَنْ الْقُدَمَاءِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَرَأَى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، قَالَ النَّسَائِيّ فِيهِ ثِقَةٌ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَالِحُ الْحَدِيثِ، وَقَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ فِيهِ: لَا يُحْتَجُّ بِهِ، قَوْلٌ لَمْ يَقُلْهُ غَيْرُهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى الثِّقَاتِ، قَالَ فِي التَّنْقِيحِ: وَهَذَا وَهْمٌ قَبِيحٌ، فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مُهَاجِرٍ الْكَذَّابَ لَيْسَ هُوَ هَذَا، فَهَذَا الَّذِي يَرْوِي عَنْ ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ ثِقَةٌ شَامِيٌّ، أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَوَثَّقَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَدُحَيْمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ: كَانَ مُتْقِنًا، وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ مُهَاجِرٍ الْكَذَّابُ، فَإِنَّهُ مُتَأَخِّرٌ فِي زَمَانِ ابْنِ مَعِينٍ، وَعَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَرَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ مُتَابَعَةً، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْإِمَامِ: وَقَوْلُ الْعُقَيْلِيِّ فِي ثَابِتِ بْنِ عَجْلَانَ: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ تَحَامُلٌ مِنْهُ، إذْ لَا يَمَسُّ بِهَذَا إلَّا مَنْ لَيْسَ مَعْرُوفًا بِالثِّقَةِ.
فَأَمَّا مَنْ عُرِفَ بِالثِّقَةِ فَانْفِرَادُهُ لَا يَضُرُّهُ، وَكَذَلِكَ مَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْهُ أَكَانَ ثِقَةً، فَسَكَتَ، إذْ لَا يَدُلُّ السُّكُوتُ عَلَى شَيْءٍ، وَقَدْ يَكُونُ سُكُوتُهُ لِكَوْنِهِ لَمْ يَعْرِفْ، وَمَنْ عَرَفَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفْ، أَوْ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ اسْمَ الثِّقَةِ عِنْدَهُ، فَيَكُونُ إمَّا صَدُوقًا، أَوْ صَالِحًا، أَوْ لَا بَأْسَ بِهِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ مُصْطَلَحَاتِهِمْ، وَلِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي كِتَابِهِ لَمْ يَمَسَّهُ بِشَيْءٍ، وَقَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ أَيْضًا: لَا يُحْتَجُّ بِهِ تَحَامُلٌ أَيْضًا، وَكَمْ مِنْ رَجُلٍ قَدْ قَبِلَ رِوَايَتَهُ لَيْسُوا مِثْلَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خَيْثَمٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ، قَالَتْ: «دَخَلْتُ أَنَا وَخَالَتِي عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَعَلَيْنَا أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَنَا: أَتُعْطِيَانِ زَكَاتَهُ؟ فَقُلْنَا: لَا، قَالَ: أَمَا تَخَافَانِ أَنْ يُسَوِّرَكُمَا اللَّهُ أَسْوِرَةً مِنْ نَارٍ، أَدِّيَا زَكَاتَهُ»، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَعَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ رَمَاهُ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ بِالْكَذِبِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَيْثَمٍ، قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: أَحَادِيثُهُ لَيْسَتْ بِالْقَوِيَّةِ، وَشَهْرُ بْنُ حَوْشَبٍ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: كَانَ يَرْوِي عَنْ الثِّقَاتِ الْمُعْضِلَاتِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ نَصْرِ بْنِ مُزَاحِمٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ ثَنَا شُعَيْبُ بْنُ الْحَبْحَابِ عَنْ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: سَمِعْت فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ، تَقُولُ: «أَتَيْت النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِطَوْقٍ فِيهِ سَبْعُونَ مِثْقَالًا مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ خُذْ مِنْهُ الْفَرِيضَةَ، فَأَخَذَ مِنْهُ مِثْقَالًا، وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ مِثْقَالٍ»، انْتَهَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ مَتْرُوكٌ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ غَيْرُهُ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَقَالَ غُنْدَرٌ: هُوَ كَذَّابٌ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ، وَابْنُ الْمَدِينِيِّ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَنَصْرُ بْنُ مُزَاحِمٍ، قَالَ أَبُو خَيْثَمٍ: كَانَ كَذَّابًا، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ حَدِيثُهُ بِشَيْءٍ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، انْتَهَى.
وَفِي الْإِمَامِ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ لَيِّنُ الْحَدِيثِ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، انْتَهَى.
قُلْت: أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْفَهَانِيُّ فِي تَارِيخِ أَصْفَهَانَ فِي بَابِ الشِّينِ عَنْ شَيْبَانُ بْنِ زَكَرِيَّا عَنْ عَبَّادِ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ الْحَبْحَابِ بِهِ، سَوَاءً.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قُلْت لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «إنَّ لِامْرَأَتِي حُلِيًّا مِنْ ذَهَبٍ عِشْرِينَ مِثْقَالًا، قَالَ: فَأَدِّ زَكَاتَهُ نِصْفَ مِثْقَالٍ»، انْتَهَى.
ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ قَبِيصَةَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ «أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إنَّ لِي حُلِيًّا، وَإِنَّ زَوْجِي خَفِيفُ ذَاتِ الْيَدِ، أَفَيُجْزِئُ عَنِّي أَنْ أَجْعَلَ زَكَاةَ الْحُلِيِّ فِيهِمْ؟، قَالَ: نَعَمْ»، انْتَهَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَالْحَدِيثَانِ وَهْمٌ، وَالصَّوَابُ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مُرْسَلٌ مَوْقُوفٌ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَرَوَى هَذَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ، وَإِنْ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، فَإِنَّهُ يُخْطِئُ كَثِيرًا، وَقَدْ خَالَفَهُ مِنْ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ مَنْ هُوَ أَحْفَظُ مِنْهُ، فَوَقَفَهُ، انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَقَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ مُخَرَّجٌ لَهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَقَدْ أَكْثَرَ الْبُخَارِيُّ عَنْهُ فِي صَحِيحِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
حَدِيثٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ»، انْتَهَى.
قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: أَبُو حَمْزَةَ هَذَا مَيْمُونٌ، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ. انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: وَقَالَ أَحْمَدُ: هُوَ مَتْرُوكٌ.
وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَمِنْ النَّاسِ مَنْ حَمَلَ الزَّكَاةَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ حِينَ كَانَ التَّحَلِّي بِالذَّهَبِ حَرَامًا عَلَى النِّسَاءِ، فَلَمَّا أُبِيحَ لَهُنَّ سَقَطَتْ مِنْهُ الزَّكَاةُ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: كَيْفَ يَصِحُّ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَحَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَحَدِيثِ أَسْمَاءَ، وَفِيهَا التَّصْرِيحُ بِلُبْسِهِ، مَعَ الْأَمْرِ بِالزَّكَاةِ، وَحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَيْضًا: «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَى فِي يَدِي فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ»، إنْ كَانَ ذِكْرُ الْوَرِقِ فِيهِ مَحْفُوظًا، انْتَهَى.
الْآثَارُ: رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ عَنْ شُعَيْبِ بْنِ يَسَارٍ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ: «مُرْ مَنْ قِبَلَك مِنْ نِسَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُزَكِّينَ حُلِيَّهُنَّ،وَلَا يَجْعَلْنَ الزِّيَادَةَ وَالْهَدِيَّةَ بَيْنَهُنَّ تَقَارُضًا»، انْتَهَى.
قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: هُوَ مُرْسَلٌ.
أَثَرٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: فِي الْحُلِيِّ الزَّكَاةُ، انْتَهَى.
مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ.
أَثَرٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ إلَى خَازِنِهِ سَالِمٍ: أَنْ يُخْرِجَ زَكَاةَ حُلِيِّ بَنَاتِهِ كُلَّ سَنَةٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ عَمْرو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ نِسَاءَهُ أَنْ يُزَكِّينَ حُلِيَّهُنَّ، انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَطَاءٍ، وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَطَاوُسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ أَنَّهُمْ قَالُوا: فِي الْحُلِيِّ الزَّكَاةُ، زَادَ ابْنُ شَدَّادٍ حَتَّى فِي الْخَاتَمِ، وَأَخْرَجَ عَنْ عَطَاءٍ أَيْضًا.
وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ أَنَّهُمْ قَالُوا: السُّنَّةُ أَنَّ فِي الْحُلِيِّ الذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ الزَّكَاةَ، انْتَهَى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ: رَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي التَّحْقِيقِ بِسَنَدِهِ عَنْ عَافِيَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ لَيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ»، انْتَهَى.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ: وَمَا رُوِيَ عَنْ عَافِيَةَ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ اللَّيْثِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا: «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ»، فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ، إنَّمَا يُرْوَى عَنْ جَابِرٍ مِنْ قَوْلِهِ، وَعَافِيَةُ بْنُ أَيُّوبَ مَجْهُولٌ، فَمَنْ احْتَجَّ بِهِ مَرْفُوعًا، كَان مُغَرِّرًا لِدِينِهِ، دَاخِلًا فِيمَا نَعِيبُ بِهِ الْمُخَالِفِينَ، مِنْ الِاحْتِجَاجِ بِرِوَايَةِ الْكَذَّابِينَ، انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: رَأَيْت بِخَطِّ شَيْخِنَا الْمُنْذِرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَعَافِيَةُ بْنُ أَيُّوبَ لَمْ يَبْلُغْنِي فِيهِ مَا يُوجِبُ تَضْعِيفَهُ، قَالَ الشَّيْخُ: وَيَحْتَاجُ مَنْ يَحْتَجُّ بِهِ إلَى ذِكْرِ مَا يُوجِبُ تَعْدِيلَهُ، انْتَهَى.
الْآثَارُ: رَوَى مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يُحَلِّي بَنَاتَه، وَجَوَارِيَهُ الذَّهَبَ، ثُمَّ لَا يُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ، وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: لَا زَكَاةَ فِي الْحُلِيِّ، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ مَالِكٌ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَلِيَ بَنَاتَ أَخِيهَا يَتَامَى فِي حِجْرِهَا، فَلَا تُخْرِجُ مِنْ حُلِيِّهِنَّ الزَّكَاةَ»، انْتَهَى.
كِلَاهُمَا فِي الْمُوَطَّإِ.
أَثَرٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ شَرِيكٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ سُلَيْمَانَ، قَالَ: «سَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ الْحُلِيِّ، فَقَالَ: لَيْسَ فِيهِ زَكَاةٌ»، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ جِهَةِ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: «سَمِعْت ابْنَ خَالِدٍ يَسْأَلُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْحُلِيِّ، أَفِيهِ زَكَاةٌ؟ قَالَ جَابِرٌ: لَا، فَقَالَ: وَإِنْ كَانَ يَبْلُغُ أَلْفَ دِينَارٍ؟ فَقَالَ جَابِرٌ: كَثِيرٌ»، انْتَهَى.
أَثَرٌ آخَرُ: أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْمُنْذِرِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّهَا كَانَتْ تُحَلِّي بَنَاتَهَا الذَّهَبَ، وَلَا تُزَكِّيهِ نَحْوًا مِنْ خَمْسِينَ أَلْفٍ»، قَالَ صَاحِبُ التَّنْقِيحِ: قَالَ الْأَثْرَمُ: سَمِعْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: «خَمْسَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ كَانُوا لَا يَرَوْنَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةً: أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَجَابِرٌ، وَابْنُ عُمَرَ، وَعَائِشَةُ، وَأَسْمَاءُ»، انْتَهَى كَلَامُهُ.
قَالَ (وَفِي تِبْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَحُلِيِّهِمَا وَأَوَانَيْهِمَا الزَّكَاةُ).
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا تَجِبُ فِي حُلِيِّ النِّسَاءِ وَخَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرِّجَالِ، لِأَنَّهُ مُبْتَذَلٌ فِي مُبَاحٍ فَشَابَهَ ثِيَابَ الْبِذْلَةِ.
وَلَنَا أَنَّ السَّبَبَ مَالٌ نَامٍ، وَدَلِيلُ النَّمَاءِ مَوْجُودٌ وَهُوَ الْإِعْدَادُ لِلتِّجَارَةِ خِلْقَةً، وَالدَّلِيلُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ، بِخِلَافِ الثِّيَابِ.